Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأعراف - الآية 12

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12) (الأعراف) mp3
قَالَ بَعْض النُّحَاة فِي تَوْجِيه قَوْله تَعَالَى " مَا مَنَعَك أَلَّا تَسْجُد إِذْ أَمَرْتُك" لَا هُنَا زَائِدَة وَقَالَ بَعْضهمْ زِيدَتْ لِتَأْكِيدِ الْجَحْد كَقَوْلِ الشَّاعِر : مَا إِنْ رَأَيْت وَلَا سَمِعْت بِمِثْلِهِ . فَأَدْخَلَ" أَنْ " وَهِيَ لِلنَّفْيِ عَلَى مَا النَّافِيَة لِتَأْكِيدِ النَّفْي قَالُوا وَكَذَا هُنَا " مَا مَنَعَك أَلَّا تَسْجُد " مَعَ تَقَدُّم قَوْله " لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ " حَكَاهُمَا اِبْن جَرِير وَرَدَّهُمَا وَاخْتَارَ أَنَّ مَنَعَك مُضَمَّن مَعْنَى فِعْل آخَر تَقْدِيره مَا أَحْرَجَك وَأَلْزَمَك وَاضْطَرَّك أَلَّا تَسْجُد إِذْ أَمَرْتُك وَنَحْو هَذَا . وَهَذَا الْقَوْل قَوِيّ حَسَن وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَوْل إِبْلِيس لَعَنَهُ اللَّه " أَنَا خَيْر مِنْهُ " مِنْ الْعُذْر الَّذِي هُوَ أَكْبَر مِنْ الذَّنْب كَأَنَّهُ اِمْتَنَعَ مِنْ الطَّاعَة لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَر الْفَاضِل بِالسُّجُودِ لِلْمَفْضُولِ يَعْنِي لَعَنَهُ اللَّه وَأَنَا خَيْر مِنْهُ فَكَيْف تَأْمُرنِي بِالسُّجُودِ لَهُ ؟ ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ خَيْر مِنْهُ بِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ نَار وَالنَّار أَشْرَف مِمَّا خَلَقْته مِنْهُ وَهُوَ الطِّين فَنَظَرَ اللَّعِين إِلَى أَصْل الْعُنْصُر وَلَمْ يَنْظُر إِلَى التَّشْرِيف الْعَظِيم وَهُوَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى خَلَقَ آدَم بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحه وَقَاسَ قِيَاسًا فَاسِدًا فِي مُقَابَلَة نَصّ قَوْله تَعَالَى" فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ " فَشَذَّ مِنْ بَيْن الْمَلَائِكَة لِتَرْكِ السُّجُود فَلِهَذَا أُبْلِسَ مِنْ الرَّحْمَة أَيْ أُويِسَ مِنْ الرَّحْمَة فَأَخْطَأَ قَبَّحَهُ اللَّه فِي قِيَاسه وَدَعْوَاهُ أَنَّ النَّار أَشْرَف مِنْ الطِّين أَيْضًا فَإِنَّ الطِّين مِنْ شَأْنه الرَّزَانَة وَالْحِلْم وَالْأَنَاة وَالتَّثَبُّت وَالطِّين مَحَلّ النَّبَات وَالنُّمُوّ وَالزِّيَادَة وَالْإِصْلَاح وَالنَّار مِنْ شَأْنهَا الْإِحْرَاق وَالطَّيْش وَالسُّرْعَة وَلِهَذَا خَانَ إِبْلِيس عُنْصُره وَنَفَعَ آدَم عُنْصُره بِالرُّجُوعِ وَالْإِنَابَة وَالِاسْتِكَانَة وَالِانْقِيَاد وَالِاسْتِسْلَام لِأَمْرِ اللَّه وَالِاعْتِرَاف وَطَلَب التَّوْبَة وَالْمَغْفِرَة وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " خُلِقَتْ الْمَلَائِكَة مِنْ نُور وَخُلِقَ إِبْلِيس مِنْ مَارِج مِنْ نَار وَخُلِقَ آدَم مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ " . هَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِم وَقَالَ اِبْن مَرْدَوَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود حَدَّثَنَا نُعَيْم بْن حَمَّاد حَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ عُرْوَة عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " خَلَقَ اللَّه الْمَلَائِكَة مِنْ نُور الْعَرْش وَخَلَقَ الْجَانّ مِنْ مَارِج مِنْ نَار وَخَلَقَ آدَم مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ " . قُلْت لِنُعَيْمِ بْن حَمَّاد أَيْنَ سَمِعْت هَذَا مِنْ عَبْد الرَّزَّاق ؟ قَالَ بِالْيَمَنِ وَفِي بَعْض أَلْفَاظ هَذَا الْحَدِيث فِي غَيْر الصَّحِيح " وَخُلِقَتْ الْحُور الْعِين مِنْ الزَّعْفَرَان " وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا الْقَاسِم حَدَّثَنَا الْحُسَيْن حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن كَثِير عَنْ اِبْن شَوْذَب عَنْ مَطَر الْوَرَّاق عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله " خَلَقْتنِي مِنْ نَار وَخَلَقْته مِنْ طِين " . قَالَ قَاسَ إِبْلِيس وَهُوَ أَوَّل مَنْ قَاسَ إِسْنَاده صَحِيح وَقَالَ حَدَّثَنِي عُمَر بْن مَالِك حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن سُلَيْم الطَّائِفِيّ عَنْ هِشَام عَنْ اِبْن سِيرِينَ قَالَ أَوَّل مَنْ قَاسَ إِبْلِيس وَمَا عُبِدَتْ الشَّمْس وَالْقَمَر إِلَّا بِالْمَقَايِسِ إِسْنَاد صَحِيح أَيْضًا .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • ثم شتان [ دراسة منهجية في مقارنة الأديان ]

    ثم شتان [ دراسة منهجية في مقارنة الأديان ] : في هذه الدراسة بعد المقدمة قسم نظري للتعريف بالأحوال النبوية والكتب الإلهية، ثم التعريف بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وجوانب من حياته وأخلاقه من خلال عرض جزء لا يزيد عن الواحد في الألف مما روي عنه، يستطيع من خلالها العاقل أن يحكم على شخصية النبي محمد. - أما القسم الثاني من هذه الدراسة فقد تناول الجوانب التطبيقية والمقارنات الواقعية الفعلية مع النصوص القرآنية والنبوية من خلال مائة وتسعة وتسعين شتان.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/192674

    التحميل:

  • رسائل في الأديان والفرق والمذاهب

    رسائل في الأديان والفرق والمذاهب : هذا الكتاب يحتوي على دراسة لبعض الأديان، والفرق، والمذاهب؛ حيث اشتمل على أربع عشرة رسالة، وهي كما يلي: الرسالة الأولى: مقدمة في الفلسفة، الرسالة الثانية: أديان الهند وشرق آسيا، الرسالة الثالثة: اليهودية، الرسالة الرابعة: الصهيونية، الرسالة الخامسة: الماسونية، الرسالة السادسة: النصرانية، الرسالة السابعة: الاستشراق، والاحتلال العسكري، والتنصير، الرسالة الثامنة:النصيرية، الرسالة التاسعة: البابية، الرسالة العاشرة: البهائية. الرسالة الحادية عشرة: القاديانية. الرسالة الثانية عشرة: الوجودية. الرسالة الثالثة عشرة: الشيوعية. الرسالة الرابعة عشرة: العلمانية.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172589

    التحميل:

  • الدقائق الممتعة

    الدقائق الممتعة : قال المؤلف - أثابه الله -: « فإن من نعم الله - عز وجل - على عباده نعمة القراءة التي يجول بها القارئ في قطوف دانية من العلم والمعرفة، وتجارب الأمم السابقة ونتاج عقول الآخرين. ومن أجمل صنيع القارئ إذا استوى الكتاب بين يديه أن يجمع ما طاب له من تلك الثمار ليرجع إليها متى شاء. وهذه مجموعة منتقاة جمعتها في فترات متباعدة، وبين الحين والآخر أعود لها وأستأنس بما فيها. ورغبة في أن يعم الخير جمعتها في هذا الكتاب إتمامًا للفائدة ».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/231253

    التحميل:

  • مفسدات القلوب [ النفاق ]

    وصف النبي المنافق بالغدر والخيانة والكذب والفجور; لأن صاحبه يظهر خلاف ما يبطن; فهو يدعي الصدق وهو يعلم أنه كاذب; ويدعي الأمانة وهو يعلم أنه خائن; ويدعي المحافظة على العهد وهو غادر به; ويرمي خصومه بالافتراءات وهو يعلم أنه فاجر فيها; فأخلاقه كلها مبنية على التدليس والخداع; ويخشى على من كانت هذه حاله أن يبتلى بالنفاق الأكبر.

    الناشر: موقع الشيخ محمد صالح المنجد www.almunajjid.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/340010

    التحميل:

  • الهدية الهادية إلى الطائفة التجانية

    الهدية الهادية إلى الطائفة التجانية: في هذا الكتاب القيِّم يعرِض الشيخ - رحمه الله - مناهج وعقائد إحدى الطرق الصوفية المبتدعة المخالفة لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولأن الشيخ كان من دعاة هذه الطريقة فإنه يتحدَّث عن أحوال عاشها وأقوال وأعمال مارسها، ولما تاب من ذلك عرضَ تلك العقائد المخالفة على الشيخ العلامة ابن باز - رحمه الله -، فحثَّه على نشر هذه الأحوال للتحذير من تلك الطائفة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/343863

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة