Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الصف - الآية 14

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ ۖ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ ۖ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14) (الصف) mp3
يَقُول تَعَالَى آمِرًا عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا أَنْصَار اللَّه فِي جَمِيع أَحْوَالهمْ بِأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالهمْ وَأَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ وَأَنْ يَسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ كَمَا اِسْتَجَابَ الْحَوَارِيُّونَ لِعِيسَى حِين قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّه أَيْ مُعِينِي فِي الدَّعْوَة إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ وَهُمْ أَتْبَاع عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام نَحْنُ أَنْصَار اللَّه أَيْ نَحْنُ أَنْصَارك عَلَى مَا أُرْسِلْت بِهِ وَمُوَازِرُوك عَلَى ذَلِكَ وَلِهَذَا بَعَثَهُمْ دُعَاة إِلَى النَّاس فِي بِلَاد الشَّام فِي الْإِسْرَائِيلِيِّينَ وَالْيُونَانِيِّينَ وَهَكَذَا كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول فِي أَيَّام الْحَجّ " مَنْ رَجُل يُؤْوِينِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَة رَبِّي ؟ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ رِسَالَة رَبِّي " حَتَّى قَيَّضَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَهُ الْأَوْس وَالْخَزْرَج مِنْ أَهْل الْمَدِينَة فَبَايَعُوهُ وَوَازَرُوه وَشَارَطُوه أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ الْأَسْوَد وَالْأَحْمَر إِنْ هُوَ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَيْهِمْ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابه وَفَوْا لَهُ بِمَا عَاهَدُوا اللَّه عَلَيْهِ وَلِهَذَا سَمَّاهُمْ اللَّه وَرَسُوله الْأَنْصَار وَصَارَ ذَلِكَ عَلَمًا عَلَيْهِمْ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ وَقَوْله تَعَالَى فَآمَنَتْ طَائِفَة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل وَكَفَرَتْ طَائِفَة أَيْ لَمَّا بَلَّغَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام رِسَالَة رَبّه إِلَى قَوْمه وَوَازَرَهُ مَنْ وَازَرَهُ مِنْ الْحَوَارِيِّينَ اِهْتَدَتْ طَائِفَة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ وَضَلَّتْ طَائِفَة فَخَرَجَتْ عَمَّا جَاءَهُمْ بِهِ وَجَحَدُوا نُبُوَّته وَرَمَوْهُ وَأُمّه بِالْعَظَائِمِ وَهُمْ الْيَهُود عَلَيْهِمْ لَعَائِن اللَّه الْمُتَتَابِعَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَغَالَتْ فِيهِ طَائِفَة مِمَّنْ اِتَّبَعَهُ حَتَّى رَفَعُوهُ فَوْق مَا أَعْطَاهُ اللَّه مِنْ النُّبُوَّة وَافْتَرَقُوا فِرَقًا وَشِيَعًا فَمِنْ قَائِل مِنْهُمْ إِنَّهُ اِبْن اللَّه وَقَائِل إِنَّهُ ثَالِث ثَلَاثَة : الْأَب وَالِابْن وَرُوح الْقُدْس وَمِنْ قَائِل إِنَّهُ اللَّه وَكُلّ هَذِهِ الْأَقْوَال مُفَصَّلَة فِي سُورَة النِّسَاء . وَقَوْله تَعَالَى فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوّهُمْ أَيْ نَصَرْنَاهُمْ عَلَى مَنْ عَادَاهُمْ مِنْ فِرَق النَّصَارَى فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ أَيْ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ بِبَعْثَةِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ الْإِمَام أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير رَحِمَهُ اللَّه حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَنْ الْأَعْمَش عَنْ الْمِنْهَال يَعْنِي اِبْن عَمْرو عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ : لَمَّا أَرَادَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَرْفَع عِيسَى إِلَى السَّمَاء خَرَجَ إِلَى أَصْحَابه وَهُمْ فِي بَيْتٍ اِثْنَا عَشَر رَجُلًا مِنْ عَيْن فِي الْبَيْت وَرَأْسه يَقْطُر مَاء فَقَالَ " إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يَكْفُرُ بِي اِثْنَتَيْ عَشْرَة مَرَّة بَعْد أَنْ آمَنَ بِي قَالَ ثُمَّ قَالَ أَيُّكُمْ يُلْقَى عَلَيْهِ شَبَهِي فَيُقْتَل مَكَانِي وَيَكُونُ مَعِي فِي دَرَجَتِي " قَالَ فَقَامَ شَابّ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا فَقَالَ أَنَا فَقَالَ لَهُ " اِجْلِسْ " ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ فَقَامَ الشَّابّ فَقَالَ أَنَا فَقَالَ لَهُ " اِجْلِسْ " ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ فَقَامَ الشَّابّ فَقَالَ أَنَا فَقَالَ " نَعَمْ أَنْتَ ذَاكَ " قَالَ فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَه عِيسَى وَرُفِعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ رَوْزَنَة فِي الْبَيْت إِلَى السَّمَاء قَالَ وَجَاءَ الطَّلَب مِنْ الْيَهُود فَأَخَذُوا شَبِيهه فَقَتَلُوهُ وَصَلَبُوهُ وَكَفَرَ بِهِ بَعْضهمْ اِثْنَتَيْ عَشْرَة مَرَّة بَعْد أَنْ آمَنَ بِهِ فَتَفَرَّقُوا فِيهِ ثَلَاث فِرَق فَقَالَتْ فِرْقَة كَانَ اللَّه فِينَا مَا شَاءَ ثُمَّ صَعِدَ إِلَى السَّمَاء وَهَؤُلَاءِ الْيَعْقُوبِيَّة وَقَالَتْ فِرْقَة كَانَ فِينَا اِبْن اللَّه مَا شَاءَ اللَّه ثُمَّ رَفَعَهُ إِلَيْهِ وَهَؤُلَاءِ النَّسْطُورِيَّة وَقَالَ فِرْقَة كَانَ فِينَا عَبْد اللَّه وَرَسُوله مَا شَاءَ اللَّه ثُمَّ رَفَعَهُ اللَّه إِلَيْهِ وَهَؤُلَاءِ الْمُسْلِمُونَ فَتَظَاهَرَتْ الْكَافِرَتَانِ عَلَى الْمُسْلِمَة فَقَتَلُوهَا فَلَمْ يَزَلْ الْإِسْلَام طَامِسًا حَتَّى بَعَثَ اللَّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَتْ طَائِفَة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل وَكَفَرَتْ طَائِقَة يَعْنِي الطَّائِفَة الَّتِي كَفَرَتْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل فِي زَمَن عِيسَى وَالطَّائِفَة الَّتِي آمَنَتْ فِي زَمَن عِيسَى فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوّهُمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ بِإِظْهَارِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَهُمْ عَلَى دِين الْكُفَّار هَذَا لَفْظه فِي كِتَابه عِنْد تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ عِنْد تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة مِنْ سُنَنه عَنْ أَبِي كُرَيْب عَنْ مُحَمَّد بْن الْعَلَاء عَنْ أَبِي مُعَاوِيَة بِمِثْلِهِ سَوَاء فَأُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزَالُونَ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقّ حَتَّى يَأْتِي أَمْر اللَّه وَهُمْ كَذَلِكَ وَحَتَّى يُقَاتِل آخِرهمْ الدَّجَّال مَعَ الْمَسِيح عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا وَرَدَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيث الصِّحَاح وَاَللَّه أَعْلَم . آخِر تَفْسِير سُورَة الصَّفّ وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • كلنا دعاة [ أكثر من 1000 فكرة ووسيلة وأسلوب في الدعوة إلى الله تعالى ]

    كلنا دعاة: في هذا الكتيب تجد مئات الأفكار والوسائل والأساليب الدعوية والتي كانت نتيجة تجارب العلماء والدعاة قديماً وحديثاً. ويمكنك اختيار المناسب لك حسب قدرتك العلمية والعملية والمالية.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/150408

    التحميل:

  • الأثر التربوي للمسجد

    الأثر التربوي للمسجد : إن دور المسجد في الواقع جزء متكامل مع أدوار المؤسسات الأخرى في المجتمع، فتنطلق منه لتمارس أنشطتها من خلاله مغزولة ومتداخلة في النسيج الذي يكون حياة المجتمع، وهذه المحاضرة توضح أثرًا من آثار المسجد المباركة.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/144873

    التحميل:

  • مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة وموقف الحركات الإسلامية المعاصرة منها

    يشتمل هذا الكتاب على:- * العـقيدة: تعريفها، ومفهومها الصحيح، وأهل السنة والجماعة وتعريفهم. * عـقيدة التوحيد - على الخصوص - التي هي دين الرسل والغاية من خلق الجن والإنس، وأن توحيد العبادة ( الألوهية ) هو الغاية الأولى، والقضية الكبرى بين الرسل والمصلحين وخصومهم، وعن تاريخ عقيدة التوحيد هذه، ومنزلتها في الرسالات عموماً، ورسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - على الخصوص. * مصادر العـقيدة عند أهل السنة، وخصائصها وسماتها. * موجز لاعتقاد أهل السنة والجماعة، وحقيقة انتماء الفِرَق إليه، ومستلزمات دعوى الانتساب لأهل السنة والجماعة، وحقيقة هذه الدعوى عند الأشاعرة - بخاصة - مع محاولة الدلالة على أهل السنة من خلال صفاتهم الشرعية في المسلمين اليوم. * عرض نقدي عام لمواقف ظهرت عن بعض الدعاة والدعوات والحركات الإصلاحية - القائمة اليوم - التي تحمل شعار الإسلام; تجاه عقيدة أهل السنة والجماعة، علماً وعملاً وقولاً واعتقاداً، مع بيان الآثار المترتبة على مجانبة عقيدة السلف، أو التساهل فيها أو الجهل بها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2474

    التحميل:

  • رسالة في الفقه الميسر

    رسالة في الفقه الميسر : بيان بعض أحكام الفقه بأسلوب سهل ميسر، مع بيان مكانة التراث الفقهي وتأصيل احترامه في نفـوس المسلمين.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/144874

    التحميل:

  • تذكرة الحج

    تذكرة الحج : رسالة لطيفة تحتوي على وصايا للمسلم إذا عزم على الحج، ثم بيان آداب الميقات، ثم ذكر بعض الفوائد لمن أراد زيارة المسجد النبوي، مع التنبيه على بعض المخالفات التي يجب على الزائر تركها، وبيان بعض الأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/66475

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة