Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 6

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) (البقرة) mp3
يَقُول تَعَالَى " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا " أَيْ غَطَّوْا الْحَقّ وَسَتَرُوهُ وَقَدْ كَتَبَ اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِمْ ذَلِكَ سَوَاء عَلَيْهِمْ إِنْذَارك وَعَدَمه فَإِنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِمَا جِئْتهمْ بِهِ . كَمَا قَالَ تَعَالَى " إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَة رَبّك لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلّ آيَة حَتَّى يَرَوْا الْعَذَاب الْأَلِيم " وَقَالَ تَعَالَى فِي حَقّ الْمُعَانِدِينَ مِنْ أَهْل الْكِتَاب " وَلَئِنْ أَتَيْت الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب بِكُلِّ آيَة مَا تَبِعُوا قِبْلَتك" الْآيَة أَيْ أَنَّ مَنْ كَتَبَ اللَّه عَلَيْهِ الشَّقَاوَة فَلَا مُسْعِد لَهُ وَمَنْ أَضَلَّهُ فَلَا هَادِي لَهُ فَلَا تَذْهَب نَفْسك عَلَيْهِمْ حَسَرَات وَبَلِّغْهُمْ الرِّسَالَة فَمَنْ اِسْتَجَابَ لَك فَلَهُ الْحَظّ الْأَوْفَر وَمَنْ تَوَلَّى فَلَا تَحْزَن عَلَيْهِمْ وَلَا يُهِمَّنك ذَلِكَ " فَإِنَّمَا عَلَيْك الْبَلَاغ وَعَلَيْنَا الْحِسَاب إِنَّمَا أَنْتَ نَذِير وَاَللَّه عَلَى كُلّ شَيْء وَكِيل" وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ " قَالَ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْرِص أَنْ يُؤْمِن جَمِيع النَّاس وَيُتَابِعُوهُ عَلَى الْهُدَى فَأَخْبَرَهُ اللَّه تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُؤْمِن إِلَّا مَنْ سَبَقَ لَهُ مِنْ اللَّه السَّعَادَة فِي الذِّكْر الْأَوَّل وَلَا يَضِلّ إِلَّا مَنْ سَبَقَ لَهُ مِنْ اللَّه الشَّقَاوَة فِي الذِّكْر الْأَوَّل وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد عَنْ عِكْرِمَة أَوْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا " أَيْ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَإِنْ قَالُوا إِنَّا قَدْ آمَنَّا بِمَا جَاءَنَا قَبْلك " سَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ " أَيْ إِنَّهُمْ قَدْ كَفَرُوا بِمَا عِنْدهمْ مِنْ ذِكْرك وَجَحَدُوا مَا أُخِذَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْمِيثَاق وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَك وَبِمَا عِنْدهمْ مِمَّا جَاءَهُمْ بِهِ غَيْرك فَكَيْف يَسْمَعُونَ مِنْك إِنْذَارًا وَتَحْذِيرًا وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا عِنْدهمْ مِنْ عِلْمك وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس عَنْ أَبِي الْعَالِيَة قَالَ نَزَلَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ فِي قَادَة الْأَحْزَاب وَهُمْ الَّذِينَ قَالَ اللَّه فِيهِمْ " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار جَهَنَّم يَصْلَوْنَهَا " وَالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا وَهُوَ الْمَرْوِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي رِوَايَة عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة أَظْهَر وَيُفَسَّر بِبَقِيَّةِ الْآيَات الَّتِي فِي مَعْنَاهَا وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَدْ ذَكَرَ اِبْن أَبِي حَاتِم هَاهُنَا حَدِيثًا فَقَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن عُثْمَان بْن صَالِح الْمِصْرِيّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا اِبْن لَهِيعَة حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن الْمُغِيرَة عَنْ أَبِي الْهَيْثَم عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو قَالَ قِيلَ يَا رَسُول اللَّه إِنَّا نَقْرَأ مِنْ الْقُرْآن فَنَرْجُو وَنَقْرَأ فَنَكَاد أَنْ نَيْأَس فَقَالَ" أَلَا أُخْبِركُمْ " ثُمَّ قَالَ " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتهمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ " هَؤُلَاءِ أَهْل النَّار " قَالُوا : لَسْنَا مِنْهُمْ يَا رَسُول اللَّه. قَالَ " أَجَلْ " وَقَوْله تَعَالَى " لَا يُؤْمِنُونَ " مَحَلّه مِنْ الْإِعْرَاب أَنَّهُ جُمْلَة مُؤَكِّدَة لِلَّتِي قَبْلهَا " سَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتهمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرهُمْ " أَيْ هُمْ كُفَّار فِي كِلَا الْحَالَيْنِ فَلِهَذَا أَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى" لَا يُؤْمِنُونَ " وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون لَا يُؤْمِنُونَ خَبَرًا لِأَنَّ تَقْدِيره إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا يُؤْمِنُونَ وَيَكُون قَوْله تَعَالَى " سَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتهمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرهُمْ" جَمَلَة مُعْتَرِضَة وَاَللَّه أَعْلَم .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • البدهيات في القرآن الكريم: دراسة نظرية

    البدهيات في القرآن الكريم: دراسة نظرية: قال المصنف - حفظه الله -: «في القرآن آيات قريبة المعنى ظاهرة الدلالة؛ بل إن وضوح معناها وظهوره كان لدرجة أن لا يخفى على أحد؛ بل إن المتأمِّل ليقفُ متسائلاً عن الحكمة في ذكرها على هذه الدرجة من الوضوح، وآيات أخرى من هذا النوع تذكر قضيةً لا يختلف فيها اثنان؛ بل هي أمرٌ بدَهيٌّ يُدركه الإنسانُ من فوره ... وقد اجتمع لديَّ مجموعة من هذا النوع من الآيات التي رأيت أن دلالتها على المقصود أمرٌ بدهي، فنظرتُ فيها وفي كلام أهل التفسير والبلاغة عنها، وحاولتُ تحديد أنواعها، وأقسامها، وضرب الأمثلة لكل نوعٍ منها وذكر أقوال المفسرين في بيان الحكمة فيها ووجه بلاغتها، وهي على كلٍّ خطوة في طريق طويل وجديد».

    الناشر: مكتبة التوبة للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/364117

    التحميل:

  • العقيدة الواسطية

    العقيدة الواسطية: رسالة نفيسة لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ذكر فيها جمهور مسائل أصول الدين، ومنهج أهل السنة والجماعة في مصادر التلقي التي يعتمدون عليها في العقائد؛ لذا احتلت مكانة كبيرة بين علماء أهل السنة وطلبة العلم، لما لها من مميزات عدة من حيث اختصار ألفاظها ودقة معانيها وسهولة أسلوبها، وأيضاً ما تميزت به من جمع أدلة أصول الدين العقلية والنقلية.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1880

    التحميل:

  • المرأة المسلمة بين موضات التغيير وموجات التغرير

    رسالة مختصرة تبين مايحاك ضد المرأة من مؤمرات.

    الناشر: مجلة البيان http://www.albayan-magazine.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/205661

    التحميل:

  • البيان والتبيين لضوابط ووسائل تمييز الرواة المهملين

    البيان والتبيين لضوابط ووسائل تمييز الرواة المهملين : يقوم هذا البحث على معالجة أمر يعترض الباحثين كثيرًا ، ألا وهو ورود بعض الرواة في الأسانيد مهملين، كأن يذكر باسمه الأول، أو كنيته أو غير ذلك، مع وجود غيره ممن يشترك معه في الاسم والطبقة، ومن ثم لا يستطيع الباحث معرفة المراد بسهولة. وقد حاولت في هذا البحث استخراج القواعد والوسائل التي تعين على تمييز الراوي المهمل، وتحديده، ومن المراد به إذا ورد في هذا الإسناد أو ذاك.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/166787

    التحميل:

  • ربحت الصحابة ولم أخسر آل البيت

    ربحت الصحابة ولم أخسر آل البيت: يروي الكاتب رحلته التي انتقل فيها من عالم التشيع إلى حقيقة الإسلام، بأسلوبٍ راقٍ ومُقنِع.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/74691

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة