Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 259

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) (البقرة) mp3
تَقَدَّمَ قَوْله تَعَالَى " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيم فِي رَبّه " وَهُوَ فِي قُوَّة قَوْله هَلْ رَأَيْت مِثْل الَّذِي حَاجّ إِبْرَاهِيم فِي رَبّه وَلِهَذَا عَطَفَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ " أَوْ كَاَلَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَة وَهِيَ خَاوِيَة عَلَى عُرُوشهَا " اِخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْمَارّ مَنْ هُوَ فَرَوَى اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ عِصَام بْن دَاوُد عَنْ آدَم بْن أَبِي إِيَاس عَنْ إِسْرَائِيل عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ نَاجِيَة بْن كَعْب عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب أَنَّهُ قَالَ : هُوَ عُزَيْر وَرَوَاهُ اِبْن جَرِير عَنْ نَاجِيَة نَفْسه وَحَكَاهُ اِبْن جَرِير وَابْن أَبِي حَاتِم عَنْ اِبْن عَبَّاس وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَسُلَيْمَان بْن بُرَيْدَة وَهَذَا الْقَوْل هُوَ الْمَشْهُور وَقَالَ وَهْب بْن مُنَبِّه وَعَبْد اللَّه بْن عُبَيْد هُوَ أرميا بْن حلقيا قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَمَّنْ لَا يُتَّهَم عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه أَنَّهُ قَالَ : وَهُوَ اِسْم الْخَضِر عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْت سُلَيْمَان بْن مُحَمَّد الْيَسَارِيّ الْجَارِي مِنْ أَهْل الْجَارِي اِبْن عَمّ مُطَرِّف قَالَ سَمِعْت سَلْمَان يَقُول إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْل الشَّام يَقُول إِنَّ الَّذِي أَمَاتَهُ اللَّه مِائَة عَام ثُمَّ بَعَثَهُ اِسْمه حِزْقِيل بْن بَوَار وَقَالَ مُجَاهِد بْن جَبْر هُوَ رَجُل مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل وَأَمَّا الْقَرْيَة فَالْمَشْهُور أَنَّهَا بَيْت الْمَقْدِس مَرَّ عَلَيْهَا بَعْد تَخْرِيب بُخْتُنَصَّرَ لَهَا وَقَتْل أَهْلهَا " وَهِيَ خَاوِيَة " أَيْ لَيْسَ فِيهَا أَحَد مِنْ قَوْلهمْ خَوَتْ الدَّار تَخْوِي خُوِيًّا . وَقَوْله" عَلَى عُرُوشِهَا " أَيْ سَاقِطَة سُقُوفهَا وَجُدْرَانهَا عَلَى عَرَصَاتهَا فَوَقَفَ مُتَفَكِّرًا فِيمَا آلَ أَمْرهَا إِلَيْهِ بَعْد الْعِمَارَة الْعَظِيمَة وَقَالَ " أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّه بَعْد مَوْتهَا" وَذَلِكَ لِمَا رَأَى مِنْ دُثُورهَا وَشِدَّة خَرَابهَا وَبَعْدهَا عَنْ الْعَوْدَة إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَالَ اللَّه تَعَالَى " فَأَمَاتَهُ اللَّه مِائَة عَام ثُمَّ بَعَثَهُ " قَالَ وَعُمِّرَتْ الْبَلْدَة بَعْد مُضِيّ سَبْعِينَ سَنَة مِنْ مَوْته وَتَكَامَلَ سَاكِنُوهَا وَتَرَاجَعَ بَنُو إِسْرَائِيل إِلَيْهَا فَلَمَّا بَعَثَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بَعْد مَوْته كَانَ أَوَّل شَيْء أَحْيَا اللَّه فِيهِ عَيْنَيْهِ لِيَنْظُر بِهِمَا إِلَى صُنْع اللَّه فِيهِ كَيْف يُحْيِي بَدَنه فَلَمَّا اِسْتَقَلَّ سَوِيًّا قَالَ اللَّه لَهُ أَيْ بِوَاسِطَةِ الْمَلَك " كَمْ لَبِثْت قَالَ لَبِثْت يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْم " قَالَ وَذَلِكَ أَنَّهُ مَاتَ أَوَّل النَّهَار ثُمَّ بَعَثَهُ اللَّه فِي آخِر النَّهَار فَلَمَّا رَأَى الشَّمْس بَاقِيَة ظَنَّ أَنَّهَا شَمْس ذَلِكَ الْيَوْم فَقَالَ " أَوْ بَعْض يَوْم قَالَ بَلْ لَبِثْت مِائَة عَام فَانْظُرْ إِلَى طَعَامك وَشَرَابك لَمْ يَتَسَنَّهْ " وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِيمَا ذَكَرَ عِنَب وَتِين وَعَصِير فَوَجَدَهُ كَمَا تَقَدَّمَ لَمْ يَتَغَيَّر مِنْهُ شَيْء لَا الْعَصِير اِسْتَحَالَ وَلَا التِّين حَمُضَ وَلَا أَنْتَنَ وَلَا الْعِنَب نَقَصَ " وَانْظُرْ إِلَى حِمَارك" أَيْ كَيْف يُحْيِيه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْتَ تَنْظُر " وَلِنَجْعَلَك آيَة لِلنَّاسِ " أَيْ دَلِيلًا عَلَى الْمَعَاد " وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَام كَيْف نُنْشِزُهَا " أَيْ نَرْفَعهَا فَيَرْكَب بَعْضهَا عَلَى بَعْض وَقَدْ رَوَى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه مِنْ حَدِيث نَافِع بْن أَبِي نُعَيْم عَنْ إِسْمَاعِيل بْن حَكِيم عَنْ خَارِجَة بْن زَيْد بْن ثَابِت عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ " كَيْف نُنْشِزُهَا " بِالزَّايِ ثُمَّ قَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ وَقُرِئَ " نَنْشُرهَا " أَيْ نُحْيِيهَا قَالَهُ مُجَاهِد " ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا " وَقَالَ السُّدِّيّ وَغَيْره تَفَرَّقَتْ عِظَام حِمَاره حَوْله يَمِينًا وَيَسَارًا فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَهِيَ تَلُوح مِنْ بَيَاضهَا فَبَعَثَ اللَّه رِيحًا فَجَمَعَتْهَا مِنْ كُلّ مَوْضِع مِنْ تِلْكَ الْمَحَلَّة ثُمَّ رُكِّبَ كُلّ عَظْم فِي مَوْضِعه حَتَّى صَارَ حِمَارًا قَائِمًا مِنْ عِظَام لَا لَحْم عَلَيْهَا ثُمَّ كَسَاهَا اللَّه لَحْمًا وَعَصَبًا وَعُرُوقًا وَجِلْدًا وَبَعَثَ اللَّه مَلَكًا فَنَفَخَ فِي مَنْخِرَيْ الْحِمَار فَنَهَقَ كُلّه بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَذَلِكَ كُلّه بِمَرْأَى مِنْ الْعُزَيْر فَعِنْد ذَلِكَ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ هَذَا كُلّه " قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " أَيْ أَنَا عَالِم بِهَذَا وَقَدْ رَأَيْته عِيَانًا فَأَنَا أَعْلَم أَهْل زَمَانِي بِذَلِكَ وَقَرَأَ آخَرُونَ قَالَ اِعْلَمْ عَلَى أَنَّهُ أَمْر لَهُ بِالْعِلْمِ.
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • سمات المؤمنين في الفتن وتقلب الأحوال

    يحتوي - هذا الكتاب - على بيان بعض سمات المؤمنين في الفتن وتقلب الأحوال، وهي: الابتعاد عن الغضب والاستعجال، والتأني في الفتيا ودفعها إلى أهلها، والرفق والأناة والحلم، واجتماع الكلمة عند الفتن، والسمع والطاعة لولاة الأمر، وتوقير العلماء ومعرفة مكانتهم في الدين، والاعتبار والعظة بتاريخ الأمم السابقة، وعدم الركون إلى الإعلام المغرض، والالتزام بأمر الإمام في الدعوة إلى الجهاد، وسلامة ألسنتنا من الطعن في الصحابة - رضي الله عنهم -.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/60363

    التحميل:

  • لا بأس طهور إن شاء الله

    لا بأس طهور إن شاء الله : إن للمريض آداباً ينبغي له أن يتحلى بها حال مرضه، وللزائر آداباً أيضاً، وللمرض أحكاماً، وهو من أسباب التخفيف في العبادات؛ لذا كانت هذه الرسالة التي جمعت جملاً من الآداب والأحكام والفتاوى وبعض القصص التي تهم المريض في نفسه وعبادته وتعامله مع مرضه، وتهم الزائر له وتبين له آداب الزيارة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/307921

    التحميل:

  • إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد

    إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد : يعتبر كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - من عُمَدِ كتب الاعتقاد في باب توحيد الإلهية في عصره وما بعده إلى عصرنا الحديث, حيث لقي رواجاً وقبولاً كبيراً, وانتفع به مالا يحصيه إلا الله كثرة في العالم أجمع, ومازال العلماء له شارحين ومبينين ومعلمين. وقد كان من بين أفضل شروحه, شرح حفيد المؤلف سليمان بن عبد الله له, إلا إنه لم يتم في كتابه الشهير بـ "تيسير العزيز الحميد " وفي هذا الكتاب الذي بين أيدينا "إبطال التنديد" قام المؤلف - يرحمه الله - بالتعليق على كتاب التوحيد, مكثراً في نقولاته, وعزوه من شرح حفيد المؤلف المذكور قريباً، مع بعض الزيادات. وقد انتهى الشيخ حمد بن عتيق من تأليف هذا الكتاب في اليوم السابع من شهر شوال سنة 1255هـ.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/291873

    التحميل:

  • مختصر إظهار الحق

    إظهار الحق : يعتبر هذا الكتاب أدق دراسة نقدية في إثبات وقوع التحريف والنسخ في التوراة والإنجيل، وإبطال عقيدة التثليث وألوهية المسيح، وإثبات إعجاز القرآن ونبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، والرد على شُبه المستشرقين والمنصرين، وفي هذه الصفحة اختصار لهذا الكتاب القيم في مجلد لطيف؛ حتى يسهل فهمه والاستفادة منه..

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/73722

    التحميل:

  • علم الأجنة في ضوء القرآن والسنة

    علم الأجنة في ضوء القرآن والسنة: هذا الكتاب عبارة عن بحوث أُلقيت في المؤتمر العالمي الأول عن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة الذي انعقد في إسلام آباد (1408 هـ - 1987 م)، وتحتوي على: 1- نظرة تاريخية في علم الأجنة. 2- وصف التخلُّق البشري - مرحلة النطفة. 3- وصف التخلُّق البشري - طورا العلقة والمُضغة. 4- وصف التخلُّق البشري - طورا العِظام واللحم. 5- وصف التخلُّق البشري - مرحلة النشأة. 6- أطوار خلق الإنسان في الأيام الأربعين الأولى. 7- وصف التخلُّق البشري بعد اليوم الثاني والأربعين. 8- مصطلحات قرآنية. 9- توافق المعلومات الجنينية مع ما ورد في الآيات القرآنية.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/339047

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة