Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة يونس - الآية 20

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ۖ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ (20) (يونس) mp3
أَيْ وَيَقُول هَؤُلَاءِ الْكَفَرَة الْمُكَذِّبُونَ الْمُعَانِدُونَ : لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّد آيَة مِنْ رَبّه يَعْنُونَ كَمَا أَعْطَى اللَّه ثَمُود النَّاقَة أَوْ أَنْ يُحَوِّل لَهُمْ الصَّفَا ذَهَبًا أَوْ يُزِيح عَنْهُمْ جِبَال مَكَّة وَيَجْعَل مَكَانهَا بَسَاتِين وَأَنْهَارًا أَوْ نَحْو ذَلِكَ مِمَّا اللَّه عَلَيْهِ قَادِر وَلَكِنَّهُ حَكِيم فِي أَفْعَاله وَأَقْوَاله كَمَا قَالَ تَعَالَى : " تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَك خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار وَيَجْعَل لَك قُصُورًا بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا " وَكَقَوْلِهِ " وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِل بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ " الْآيَة . يَقُول تَعَالَى : إِنَّ سُنَّتِي فِي خَلْقِي أَنِّي إِذَا آتَيْتهمْ مَا سَأَلُوا فَإِنْ آمَنُوا وَإِلَّا عَاجَلْتهمْ بِالْعُقُوبَةِ . وَلِهَذَا لَمَّا خَيَّرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ بَيْن إِعْطَائِهِمْ مَا سَأَلُوا فَإِنْ آمَنُوا وَإِلَّا عُذِّبُوا وَبَيْن إِنْظَارهمْ اِخْتَارَ إِنْظَارهمْ كَمَا حَلُمَ عَنْهُمْ غَيْر مَرَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى إِرْشَادًا لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْجَوَاب عَمَّا سَأَلُوا " فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْب لِلَّهِ " أَيْ الْأَمْر كُلّه لِلَّهِ وَهُوَ يَعْلَم الْعَوَاقِب فِي الْأُمُور " فَانْتَظِرُوا إنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُنْتَظِرِينَ " أَيْ إِنْ كُنْتُمْ لَا تُؤْمِنُونَ حَتَّى تُشَاهِدُوا مَا سَأَلْتُمْ فَانْتَظِرُوا حُكْم اللَّه فِيَّ وَفِيكُمْ . هَذَا مَعَ أَنَّهُمْ قَدْ شَاهَدُوا مِنْ آيَاته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَم مِمَّا سَأَلُوا حِين أَشَارَ بِحَضْرَتِهِمْ إِلَى الْقَمَر لَيْلَة إِبْدَاره فَانْشَقَّ اِثْنَتَيْنِ فِرْقَة مِنْ وَرَاء الْجَبَل وَفِرْقَة مِنْ دُونه . وَهَذَا أَعْظَم مِنْ سَائِر الْآيَات الْأَرْضِيَّة مِمَّا سَأَلُوا وَمَا لَمْ يَسْأَلُوا وَلَوْ عَلِمَ اللَّه مِنْهُمْ أَنَّهُمْ سَأَلُوا ذَلِكَ اِسْتِرْشَادًا وَتَثْبِيتًا لَأَجَابَهُمْ وَلَكِنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا يَسْأَلُونَ عِنَادًا وَتَعَنُّتًا فَتَرَكَهُمْ فِيمَا رَابَهُمْ وَعَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِن مِنْهُمْ أَحَد كَقَوْلِهِ تَعَالَى " إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَة رَبّك لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلّ آيَة " الْآيَة وَقَوْله تَعَالَى " وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمْ الْمَلَائِكَة وَكَلَّمَهُمْ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلّ شَيْء قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاء اللَّه " الْآيَة وَلِمَا فِيهِمْ مِنْ الْمُكَابَرَة كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنْ السَّمَاء " الْآيَة وَقَوْله تَعَالَى " وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنْ السَّمَاء سَاقِطًا " الْآيَة وَقَالَ تَعَالَى " وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْك كِتَابًا فِي قِرْطَاس فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْر مُبِين " فَمِثْل هَؤُلَاءِ أَقَلّ مِنْ أَنْ يُجَابُوا إِلَى مَا سَأَلُوهُ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَة فِي جَوَابهمْ لِأَنَّهُ دَائِر عَلَى تَعَنُّتهمْ وَعِنَادهمْ لِكَثْرَةِ فُجُورهمْ وَفَسَادهمْ وَلِهَذَا قَالَ " فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُنْتَظِرِينَ " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة

    مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة: اشتمل هذا الكتاب على الحديث عن أثر القارة الأوروبية الكبير في تاريخ الجماعة البشرية كلها، مع بيان الفرق الواضح بين واقع الحياة الإسلامية وواقع الحياة الأوروبية النصرانية، والذي أدى إلى الولادة الأوروبية الجديدة من خلال الحروب الصليبية، وبعد ذلك ورد الحديث عن جمود الأدب في ظل الحكم الكنسي، والذي أدى إلى ظهور الحركات الأدبية والثورات العلمية ضد الكنيسة، ثم الكلام عن النظرية البنيوية ومدارسها وحلقاتها وتطبيقاتها في فروع المعرفة، وفي الختام كان الحديث عن الحداثة العربية وأسباب رواجها في العالم العربي.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/340496

    التحميل:

  • مناسك الحج والعمرة في ضوء الكتاب والسنة وآثار السلف وسرد ما ألحق الناس بها من البدع

    مناسك الحج والعمرة في ضوء الكتاب والسنة وآثار السلف وسرد ما ألحق الناس بها من البدع: هذا الكتاب يُعدُّ مختصرًا لكتاب الشيخ الألباني - رحمه الله -: «حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما رواها جابر - رضي الله عنه -»; ذكر فيه مناسك الحج والعمرة تيسيرًا على الناس; وزاد فيه على ما ذكر في الأصل زياداتٍ هامة; وقد عني عنايةً خاصة بتخريج هذه الزيادات.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/305488

    التحميل:

  • آية التطهير وعلاقتها بعصمة الأئمة

    آية التطهير وعلاقتها بعصمة الأئمة : فإن الشيعة تعتقد بـعصمة مجموعة من الأشخاص تسميهم الأئمة، وهذه العقيدة هي أساس الدين عندهم، وقد احتجوا لعقيدتهم هذه ببعض آيات من القرآن الكريم، أقواها دلالة عندهم وأكثرها تداولاً على ألسنتهم جزء من آية أطلقوا عليه اسم [ آية التطهير ]، وهي آخر قوله تعالى: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } (الأحزاب:33). وقد ألفت هذه الرسالة المختصرة أناقش فيها مناقشة علمية هادئة علاقة هذه الآية بتلك العقيدة، متبعاً فيها المنهج القرآني في طرحه لأصول العقيدة وإثباتها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/137711

    التحميل:

  • الضلالة بعد الهدى أسبابها وعلاجها

    هذا الكتاب الذي بين يديك عبارة عن مجموعة كلمات جامعة ومواعظ نافعة تتعلق بأسباب الضلالة وموجباتها، ويتخلل ذلك أحيانا نوع من التوسع قليلا في بعض مستلزمات الموضوع كأضرار المعاصي ثم يعقب ذلك فصل مستقل عن أسباب المغفرة وقد أطال المؤلف رحمه الله تعالى النفس فيه، لأهميته وقبل الخاتمة أورد رحمه الله تعالى كلاما لأحد أهل العلم عن حلاوة الإيمان نظرا لأهمية هذا الجانب في الكلام عن مسألة الضلالة والهدى.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/335006

    التحميل:

  • في إشراقة آية

    يذكر المؤلف في كتابه أربعة وثلاثين آية محكمة، ويسرد بعد كل آية جملة من معانيها العظام، التي تنير الهدى لذوي البصائر الأفهام.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/314475

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة